مـا لِـي بِعادِيَـةِ الْأَيَّـامِ مِـنْ قِبَلِ | لَـمْ يَثْنِ كَيْدَ النَّوَى كَيْدِي وَلا حِيَلِي |
لا شــَيْءَ إِلَّا أَبــاتَتْهُ عَلــى وَجَـلٍ | وَلَـمْ تَبِـتْ قَـطُّ مِـنْ شـَيْءٍ عَلى وَجَلِ |
قَـدْ قَلْقَـلَ الـدَّمْعَ دَهْـرٌ مِنْ خَلائِقِهِ | طُـولُ الْفِـراقِ وَلا طُـولٌ مِـنَ الْأَجَـلِ |
سَلْنِي عَنِ الدِّينِ وَالدُّنْيا أُجِبْكَ وَعَنْ | أَبــي ســَعِيدٍ وَفِقْــدَيْهِ فَلا تَســَلِ |
مَـنْ كـانَ حَلْـيَ الْأَمانِي قَبْلَ ظَعْنَتِهِ | فَصــِرْتُ مُـذْ سـارَ ذا أُمنِيَّـةٍ عُطُـلِ |
نَـأيُ النَّـدى لا ثَنـائِي خُلَّـةً وَهَوىً | وَالْفَجْعُ بِالْمَجْدِ غَيْرُ الْفَجْعِ بِالْغَزَلِ |
لَئِنْ غَـدا شـاحِباً تَخْـدِي الْقِلاصُ بِهِ | لَقَــدْ تَخَلَّفْــتُ عَنْـهُ شـاحِبَ الْأَمَـلِ |
مُلْقَى الرَّجاءِ وَمُلْقَى الرَّحْلِ فِي نَفَرٍ | الْجُــودُ عِنْــدَهُمُ قَــوْلٌ بِلا عَمَــلِ |
أَضـْحَوا بِمُسـْتَنِّ سَيْلِ الذَّمِّ وَارْتَفَعَتْ | أَمْـوالُهُمْ فِـي هِضابِ الْمَطْلِ وَالْعِلَلِ |
مِنْ كُلِّ أَظْمَى الثَّرَى وَالْأَرْضُ قَدْ نَهِلَتْ | وَمُقْشـَعِرِّ الرُّبـا وَالشُّمْسُ في الْحَمَلِ |
وَأَخْـرَسِ الْجُـودِ تَلْقَى الدَّهْرَ سائِلَهُ | كَــأَنَّهُ واقِــفٌ مِنْــهُ عَلــى طَلَـلِ |
قَـدْ كـانَ وَعْـدُكَ لِـي بَحْراً فَصَيَّرَني | يَـوْمُ الزِّماعِ إِلى الضَّحْضاحِ وَالْوَشَلِ |
وَبَيَّــنَ اللــهُ هَــذا مِـنْ بَرِيَّتِـهِ | فِـي قَـوْلِهِ: خُلِـقَ الْإِنسـانُ مِنْ عَجَلِ |
لِلَّــهِ وَخْــدُ الْمَهـارِي أَيَّ مَكْرُمَـةٍ | هَــزَّتْ وَأَيَّ غَمــامٍ قَلْقَلَــتْ خَضــِلِ |
خَيْـــرُ الْأَخِلَّاءِ خَيْــرُ الْأَرْضِ هِمَّتُــهُ | وَأَفْضـَلُ الرَّكْـبِ يَقْـرُو أَفْضَلَ السُّبُلِ |
حُطَّــتْ إِلـى عُمْـدَةِ الْإِسـْلامِ أَرْحُلُـهُ | وَالشـَّمْسُ قَـدْ نَفَضَتْ وَرْساً عَلى الأُصُلِ |
مُلَبِّيــاً طالَمــا لَبَّــى مُنــادِيَهُ | إِلـى الْـوَغى غَيْـرَ رِعْدِيـدٍ وَلا وَكَلِ |
وَمُحْرِمـاً أَحْرَمَـتْ أَرْضُ الْعِـراقِ لَـهُ | مِـنَ النَّدَى وَاكْتَسَتْ ثَوْباً مِنَ الْبَخَلِ |
وَسـافِكاً لِـدِماءِ الْبُـدْنِ قَـدْ سُفِكَتْ | بِــهِ دِمـاءُ ذَوِي الْإِلْحـادِ وَالنِّحَـلِ |
وَرامِيــاً جَمَـراتِ الْحَـجِّ فِـي سـَنَةٍ | رَمـى بِهـا جَمَراتِ الْيَوْمِ ذِي الشُّعَلِ |
يَـرْدِي وَيُرْقِـلُ نَحْـوَ الْمَرْوَتَيْنِ كَما | يَـرْدِي وَيُرْقِـلُ نَحْـوَ الْفارِسِ الْبَطَلِ |
تُقَبِّـلُ الرُّكْـنَ رُكْـنَ الْبَيْـتِ نافِلَةً | وَظَهْــرُ كَفِّــكَ مَعْمُـورٌ مِـنَ الْقُبَـلِ |
لَمَّـا تَرَكْـتَ بُيُـوتَ الْكُفْـرِ خاوِيَـةً | بِـالْغَزْوِ آثَـرْتَ بَيْـتَ اللهِ بِالْقَفَلِ |
وَالْحَـجُّ وَالْغَـزوُ مَقْرُونـانِ فِي قَرَنٍ | فَـاذْهَبْ فَـأَنْتَ زُعـافُ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ |
نَفْسـِي فِـداؤُكَ إِنْ كـانَتْ فِداءَكَ مِنْ | صــَرْفِ الْحَـوادِثِ وَالْأَيَّـامِ وَالـدُّوَلِ |
لا مُلْبِــسٌ مــالَهُ مِـنْ دُونِ سـائِلِهِ | سـِتْراً وَلا ناصـِبُ الْمَعْـرُوفِ لِلْعَـذَلِ |
لا شَمْسـُهُ جَمْـرَةٌ تُشـْوَى الْوُجُوهُ بِها | يَوْمــاً وَلا ظِلُّــهُ عَنَّــا بِمُنْتَقِــلِ |
تَحُـولُ أَمْـوالُهُ عَـنْ عَهْـدِها أَبَـداً | وَلَـمْ يَـزُلْ قَـطُّ عَـنْ عَهْـدٍ وَلَمْ يَحُلِ |
سـارِي الْهُمُـومِ طَمُوحُ الْعَزْمِ صادِقُهُ | كَـــأَنَّ آراءَهُ تَنْحَــطُّ مِــنْ جَبَــلِ |
أَبْقَـى عَلـى جَوْلَـةِ الْأَيَّامِ مِنْ كَنَفَيْ | رَضـْوى وَأَسـْيَرُ فِـي الآفـاقِ مِنْ مَثَلِ |
نَبَّهْـتَ نَبْهـانَ بَعْدَ النَّوْمِ وَانْسَكَبَتْ | بِـكَ الْحَيـاةُ عَلـى الْأَحْياءِ مِنْ ثُعَلِ |
كَـمْ قَـدْ دَعَـتْ لَـكَ بِالْإِخْلاصِ مِنْ مَرَةٍ | فِيهِــمْ وَفَـدَّاكَ بِالْآبـاءِ مِـنْ رَجُـلِ |
إِنْ حَـنَّ نَجْـدٌ وَأَهْلُـوهُ إِلَيْـكَ فَقَـدْ | مَـرَرْتَ فِيـهِ مُـرُورَ الْعـارِضِ الْهَطِلِ |
وَأَيُّ أَرْضٍ بِــهِ لَــمْ تُكْـسَ زَهْرَتَهـا | وَأَيُّ وادٍ بِــهِ ظَمــآنُ لَــمْ يَســِلِ |
مـا زالَ لِلصـَّارِخِ الْمُعْلِـي عِقِيرَتَهُ | غَـوْثٌ مِنَ الْغَوْثِ تَحْتَ الْحادِثِ الْجَلَلِ |
مِـنْ كُـلِّ أَبْيَـضَ يَجْلُـو مِنْـهُ سائِلُهُ | خَــدّاً أَســِيلاً بِـهِ خَـدٌّ مِـنَ الْأَسـَلِ |