السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
لام الفلسطينية حليمة حسن شلولة " 45 عاما " فقدت نجليها محمد " 24 عاما " وحسن " 23 عاما " خلال شهرين .. سقط محمد أمام بيته الواقع في معسكر خان يونس الغربي الذي لا يبعد سوى مائة متر عن مستوطنة " نفية دكاليم " الجاثمة على أراضي المواطنين في المحافظة .. أما الشهيد حسن فقد سقط في نفس المكان الذي استشهد فيه شقيقه محمد بينما كان في طريقه لإنقاذ حماره الذي أصيب في تلك المنطقة .. الشهيدان استشهدا في يوم واحد " يوم الاثنين " .. وفي ساعة واحدة " الساعة الثامنة صباحاً " ..
ذهب حسن لإنقاذ حماره إلا أن الصهاينة قتلوه ..
تقول أم الشهيدين : لم يفصل بين استشهادهما سوى الشهرين .. قتلوا محمد في صبيحة يوم مجزرة خان يونس البشعة .. بينما كان في طريقة لمعرفة ماذا يحدث بالخارج .. فقنصه جندي حاقد وأرداه قتيلاً على باب منزلنا .. و استشهد حسن بعد شهرين من استشهاد محمد حيث ذهب لإنقاذ حماره الذي كان ينقل عليه في السوق حاجيات الناس ليعود لنا في آخر النهار " بطبخة " من السوق أو بعشرة شواقل نعيش من ورائها بعد أن منع اليهود زوجي من العمل داخل اسرائيل بسبب استشهاد محمد ..
وبعد أن مسحت الأم المكلومة دموعها الحارة قالت : أصابوا الحمار بإصابات بليغة ، وعندما وصل حسن البيت وأُخبر بذلك توجه على وجه السرعة لتفقد أحوال حماره فأرداه الجندي الذي يعتلي برج المراقبة المقام أمام بيتنا قتيلاً ، وسقط حسن على الفور .. بينما مات الحمار بعد أسبوع من استشهاد صاحبه ..
وبدت الأم أكثر تماسكاً وهي تتحدث عن حسن ذاك الشاب الذي أصيب تسع مرات بالرصاص في ساقيه خلال انتفاضة الأقصى قالت : كم تمنيت أن لو استشهد حسن وهو في ميدان المعركة ، لا أن يقتل هكذا ، لكنه نال الشهادة ..
هدموا البيت بعد أن قتلوا الأبناء ..
وتروي الأم رحلة عذاب أسرتها المكونة من عشرة أشخاص بعد فقدانها لمحمد وحسن أكبر أبنائها تقول : بنى زوجي فرحان " 48 عاما " البيت المكون من طابقين من جهده وعرقه .. كان يعمل داخل " إسرائيل " عاملاً بسيطاً يحمل على ظهره ويأخذ أجره واليوم يحمل شقاء الدنيا وهمومها ، لقد طمروا بيتنا بالردم وهدموه بقذائف الدبابات ولن نستطيع دخوله أو الاقتراب منه .. وذهبت إلى أقاربي في منطقة الشوكة بمحافظة رفح ومنحوني غرفتين معرشتين بالصفيح كي نعيش فيها ، وبالفعل توجهنا لهناك ، وفي كل يوم كنت أحضر أبنائي على كارة الحمار الذي قتله الأوغاد إلى محافظة خان يونس كي يتعلموا في المدارس ، وبعد أن قتلوا الحمار الذي اشتريناه بمبلغ " 300 دينار " قررنا أن ننقل الأبناء إلى مدارس رفح لأن وسيلة التنقل التي كنا نمتلكها " الحمار " فقدناه ولا نمتلك أجرة المواصلات ..
وجلس والد الشهيدين " فرحان أبو شلولة " على قارعة الطريق ، قال لـ " عربيات " : قتلوا أبنائي وهدموا بيتي الذي كلفني جهدي وشقائي طوال عمري .. لم أنم فيه ليلة واحدة .. هؤلاء اليهود فاشيون نازيون لا يعرفون للرحمة باب .. قتلوا الأبناء وقتلوا الحمار الذي كان يمثل مصدر رزقنا ..
الصهاينة ليسوا آدميين ولا يمتون للبشر بأي صلة ..
فيما قالت ميسرة " 21 عاما " شقيقته الشهيدين لـ " عربيات " : ما ذنب شقيقاي كي يقتلوا أمام منزلنا ، وما ذنب الحمار كي يقتله اليهود .. يقولون عن أنفسهم أنهم رحيمي بالحيوان وأن عندهم ديمقراطية .. هم ليسوا آدميين ولا يمتون للبشر بأي صلة .. لم يفصل سوى شهرين بين استشهاد محمد وحسن .. كنا نحلم بأحلام سعيدة في ظل وجود أخوتنا ، واليوم بعد استشهاد نجلينا الأكبرين تبددت أحلامنا ..
ومن بعيد شوهد الأهالي يحزمون أمتعتهم ويستعدون للرحيل عن المخيم الغربي المهدد بالهدم .. قال غسان أبو مطرود " 38 عاما " أحد الراحلين عن المخيم لـ " عربيات " : رحلت عن بيتي خشية على أطفالي الأربعة .. جميع الأهالي سيرحلون من هنا لأن اليهود يهددوننا وأطفالنا بالقتل .. في كل يوم يسقط شهداء ومصابين