صدى .. البحر .. والانتظار

حيـث دفنـت ذاكـرتـي ...

خـرج طائـر النورس ليشعـل الفتيـل فـي فانـوس البـدر

لتتوهّـج السّمـاء حضنـاً دافئـاً

تتلملـم فيهـا العيـون السـّاهـرة سكـراً بالحـبّ!

كـلّ شـيءٍ بـدا واضحـا فـي عـالـمٍ خال من الالوان ..

حتـّى أننـي استطعـت أن أرى سـرب أمـانٍ

يعبـر الأفـق الغـربيّ،

حيـث اختبـأت الشّمـس لتغتسـل مـن عنـاء العبـور..

واستطعـت أن أرى حوريـّةً تقلـّب فى الرّمـال

عنـد ذلـك المقعـد الـدّافـئ..

تبحـث عـن كلمـاتٍ سقطـت عشقـاً مـن حبيبيـن مضيـا!

لتصنـع منهـا عقـداً تتجمّـل بـه حبّـا،

أمـام مـن تهـوى!.

كـلّ شـيءٍ صامـتٍ أمام هـذا الإيقـاع الضـّوئـي للسّحـر

تـلالٌ تـزداد شموخـاً لتـدغـدغ قدمـيّ القمـر...

ليـزداد تألّقـه ضحكـاً، بينمـا يتّـكئ البحـر

علـى أريكـة الـدّهـر ثقيـل الحـركـة....

كـراهـبٍ أبـديٍّ فـي محـراب الارض ..

مـن زفـراتـه، يصبـح الألـم موسيقـا

وتضرعآ فـي جنبات الصّـمت.

مـوجـةٌ مشـاكسـةٌ،

تُحـدِث جلبـة بتكسّـرهـا علـى قدمى ...

فتنـاثـر المـاء تحـت ضـوء القمـر إلـى

حبـّات ياقـوتٍ، لملمهـا حلـمٌ هائـم..

تزين .. بهـا ،ثـمّ مضـى.

قلـت فـي نفسـي وأنـا أراقـب تلـك الموجـة:

لمـاذا لا يتحـرّك المـوج فـي الاتّجـاه المعاكـس؟

هـل قـَدرُ كـلّ مـوجـة أن تتكسـّر كـلّ يـوم كقلبـي؟

وكأنني أناجي البحـر الذي

وقف منتصبـاً كمن يتحدى النهايات !

قـال بصـوت عميق أشبـه بصـوت
الرعد فـي لحظـات المطر :

هنـاك ...

فـي الأفـق البعيـد...

تتخبّـط أمانـي وآمـال العاشقيـن مذبوحـةً

حتـّى اللّهفـة الأخيـرة،

فتتحـوّل إلـى اشلاء ينقلـها رسـول المـوج

كأصداء رجـاءاتٍ إلـى أصحـابهـا،

ليدفنوا قتلاهم

وبصمـتٍ حزين

يرتلون

صلـوات الحـبّ علـى ذكرياتهم الباقيه

كلّمـا تـردّدوا علـى هـذه الشطـآن!.

وقفــت أمـامــه مرتعشــاً...

لقــد بعــث ذاكـرتـي مـن ثباتها ..

بعـدمـا أعـاد إلـيّ مـا يخصّنـي مـن اشلاء وجراح !...

لتخـرج دمعـة مـن عينـيّ عنـوة،

تـرسـم انتظـاراً جديـداً ربما أحيـاه

علـى هـذه الشّطـآن!

عـاد ومسـح دمعتـي بنسمـة سحريّـة وقـال:

إنّ فـي البحار حكمـة لأدمعنـا...

فمـا الصّحـراء إلاّ بحـرا قديما أنهكـه الانتظـار

علـى ضفـاف الـزّمـان!.

قلت لـه وقـد توهـّن صوتي مـن نحيبـي:

لقـد تصحّـرت عشقـاً وانتظـاراً...

ونمـا الوجـد كالصبّـار فـوق قبر حنينـي

ومـا جنيـت منـه إّلا شـوكـا وألما .!!

قـال قبـل أن يعـود إلـى امتـدادٍ مـن وقـارٍ

أمـام نـوافـذ أطلـّت منهـا حسنـاوات الّليـل مـن النّجـوم:

إنّ الانتظـار غصـنٌ مـن شجـرة الـوفـاء...

ومـن يـركـبْ ريـح العشـق فارسا ...

عليـه ألاّ يخشـى مـن السّقـوط جـوعاً للـوصـول!.

وابتعد

نظـرت حـولـي...

كـلّ شـئ عـاد إلـى سكينتـه..

لبسـت سكـرتـي...

وعدت لوحدتى ...

ثـمّ تعـرّيـت إلاّ مـن جلـدي!..

يستـرني حـزنـي،

وتلـك الصّخـور الّتـي رحت أنقلهـا نحـو البحـر...

لأصنـع بها

مينـاءً

لـذلـك الشّـراع

الّـذي لا بـدّ

ان

يـرجـع يـومـا!!

مشكورهـ

تحياتي لكـ