عجبت للبخيل ، يستعجل الفقر الذي منه هرب ، ويفوته الغنى الذي إياه طلب فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء . وعجبت للمتكبر الذي كن بالأمس نطفة، ويكون غدا جيفة. وعجبت لمن شك في الله وهو يرى خلق الله. وعجبت لمن نسي الموت ، وهو يرى الموتى. وعجبت لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى. وعجبت لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء.
يحكى أن امرأة جاءت إلى أحد الفقهاء، فقالت له: لقد مات أخي، وترك ستمائة درهم، ولما قسموا المال لم يعطوني إلا درهما واحدا!
فكر الفقيه لحظات، ثم قال لها: ربما كان لأخيك زوجة وأم وابنتان واثنا عشر أخا. فتعجبت المرأة، وقالت: نعم، هو كذلك.
فقال: إن هذا الدرهم حقك، وهم لم يظلموك: فلزوجته ثمن ما ترك، وهو يساوي (75 درهما)، ولابنتيه الثلثين، وهو يساوى (400 درهم)، ولأمه سدس المبلغ، وهو يساوي (100 درهم)، ويتبقى (25 درهما) توزع على إخوته الاثنى عشر وعلى أخته، ويأخذ الرجل ضعف ما تأخذه المرأة، فلكل أخ درهمان، ويتبقى للأخت- التي هي أنت- درهم واحد.
تحدى أحد الملحدين- الذين لا يؤمنون بالله- علماء المسلمين في أحد البلاد، فاختاروا أذكاهم ليرد عليه، وحددوا لذلك موعدا.
وفي الموعد المحدد ترقب الجميع وصول العالم، لكنه تأخر. فقال الملحد للحاضرين: لقد هرب عالمكم وخاف، لأنه علم أني سأنتصر عليه، وأثبت لكم أن الكون ليس له إله !
وأثناء كلامه حضر العالم المسلم واعتذر عن تأخره، تم قال: وأنا في الطريق إلى هنا، لم أجد قاربا أعبر به النهر، وانتظرت على الشاطئ، وفجأة ظهرت في النهر ألواح من الخشب، وتجمعت مع بعضها بسرعة ونظام حتى أصبحت قاربا، ثم اقترب القارب مني، فركبته وجئت إليكم. فقال الملحد: إن هذا الرجل مجنون، فكيف يتجمح الخشب ويصبح قاربا دون أن يصنعه أحد، وكيف يتحرك بدون وجود من يحركه؟!
فتبسم العالم، وقال: فماذا تقول عن نفسك وأنت تقول: إن هذا الكون العظيم الكبير بلا إله؟!
قول إبن القيم من أراد أن تصدق رؤياه فليتحر الصدق و أكل احلال و المحافظة على الأمر و النهي ...و لينم على طهارة مستقبل القبلة و يذكر الله حتى تغلبه عيناه فإن روياه لا تكاد تكذب ألبتة و أصدق الرؤيا وقت الأسحار فإنه وقت النزول الإلهي